الأحد، 31 مايو 2015

عائدون إلى الوطن

عائدون إلى الوطن

اللحاف هو مشاركتي في مسابقة أقامها نادي اللحف الذي أنا عضوة به. طلب منا النادي أن نصنع لحاف صغير تحت موضوع : 
 Home is where the heart is "الوطن: هو حيث يكون القلب "

الأسبوع القادم سأكمل عامين منذ عودتي لأرض الوطن و الأهل من غربة دامت ما يقارب ٦ أعوام.
أحمد الله على وطني و على أمنه و أمانه و خيراته و أهله.. أسأل الله أن يديمها علينا جميعاً.

أردت أن أكتب هذه التدوينة منذ سنة تقريباً. و لكن كنت مترددة. ولا زلت و أنا  أكتبها قلقة من كيف سيتفاعل معها القارئ.
سألت نجلاء: هل يتغير المبتعث؟ و أجيبها أنا : نعم لقد تغيرت. و كثير ممن حولي قال لي ذلك بلهجة محملة بالإتهام و الإستنكاره و الإستغراب. و بعض الأحيان شعرت أني أبتز عاطفياً و يُتلاعب بي نفسياً. هل تغيرت للأسوء أم الأفضل؟ بنظره لا يهم. المهم أني لم أعد أوافقه التفكير و الكلام و المعايير. و هذا الإختلاف عند الكثير أمر لا يجوز. 



لا أريد أن أذكر تفاصيل كثيرة لحوارات و مواقف حصلت لي مع من حولي جعلتني أمتلئ حنقاً و غضباً. فأغلبهم سيتضايقون إن كتبت. لكن سأكتفي بخمسة عوامل ذكرتها نجلاء في تدوينتها و أتكلم كيف تغيرت معها.

١- الدين:
 حرصت منذ الصغر على القراءة و الإطلاع و الإستماع إلى الدروس الدينية. جزء من ذلك كان حب للتعلم و آخر لأنال القبول ممن حولي في المدرسة و المراكز. عندما إنتقلت إلى أمريكا، حرصت على مرافقة أهل المسجد و التعرف على المسلمين هناك. و أعتقد أن تلك الأيام كانت هي أول أيام حبي ديني الإسلام حباً حقيقياً. أدركت أن ما كنت أفعله في بلدي هو ما كان كل من حولي يقوم به و لكن دون تدبر و فهم كامل و كنت أقلدهم. جميعنا مستمتعين و مسايرين و عاملين. غايتنا التقرب إلى الله بالعواطف و النية و العمل حتى و إن لم نعي و نفهم و نسأل . 
ثم عندما تغربت، بدأت أرى الإختلافات الفقهية بين المسلمين و المذهبية بين الفرق و العقائدية بين الأديان، و أتسائل لماذا و لما؟
 بدأت أرى كيف أن الناس لم يكونوا يخشون السؤال و الفهم، بل أنهم حريصون كل الحرص أن يكونوا على بصيرة و فهم قدر المستطاع. لم يكن هناك من يقول "إسمعوا و أطيعوا" و يكفي، بل كان هناك تشجيع من أئمة المساجد و أهلها للبحث و التفقه و السؤال.
بدأت أبحث و أقرأ و أستمع إلى مشائخ ( مثل الشيخ الكملي -الشيخ الددو - الشيخ المغامسي ) و أطلع على أراء و أقرأ كتب علماء و أنا في الغربة . أدركت أن أغلب المتحدثين و الكتاب الذين كنت أقرأ و أستمع لهم قبل الغربة كانوا في الواقع طلبة علم و مجتهدين أو أناس خلطوا العلم و التقاليد مع الحمية و لم يعودوا يفرقون بينها. عندها فقط أدركت أن ما كنت عليه في السابق هو تعصب دون فهم. و بفضل الله ثم الإغتراب أصبحت أحرص على تعلم ديني تعلم صحيح حتى أطبقه عن حب و فهم.


٢-اللغة:
 كنت أعشق اللغة الإنجليزية قبل الإبتعاث. أقرأ بها و أكتب بها و درست الأدب الإنجليزي في الجامعة و لا أشاهد إلا القنوات الإنجليزية على التلفاز . كما أني عملت كمدرسة لغة إنجليزية لفترة من الزمن. لذا لم أجد صعوبة كبيرة في التأقلم في أمريكا لأن اللغة لم تكن عائق لي. أستغليت اللغة لمعرفة الثقافة في المناطق التي أسكنها و التواصل مع الناس. تعرفت على أمريكيات و غير أمريكيات و كونت صداقات عالمية. 
لكن المفاجئ أن الغربة جعلتني أعشق العربية و أقدسها. و لعدة أسباب:
  • حب المسلمين غير العرب للغة العربية و حرصهم على تعلمها و إحترامهم لمن يعلمها و يتكلم بها
  • حرص الجالية العربية على أن لا ينسى أبنائها هويتهم. كانت الأمهات الليبيات و العراقيات و الجزائريات يتبادلن مناهج الكتب المدرسية السعودية ليكون لدى أبنائهم الإطلاع الكافي على شتى العلوم باللغتين: العربية ( التي يتعلمونها في البيت) و الإنجليزية ( التي يتعلمونها في المدارس ). 
  • نفور الكثير من الأمهات الخليجيات من اللغة العربية إلا من رحم ربي. للأسف صارت اللغة الأجنبية غاية بدل من أن تكون وسيلة للتعلم و الإطلاع. فكنت أرى الأمهات يلزمن أطفالهن بالحديث باللغة الإنجليزية خوفاً أن "يختبص" الطفل و يتعب في المدرسة و تتعب نفسيته إذا قال "دجاج" بدل "تشيكن" . و هناك أعذار مضحكة : كاللغة العربية صعبة - تخلف - بداوة - مش كول- أصوات الحروف غليظة....الخ .
  • درست العربية للأطفال كمتطوعة في مسجدين و كحلقة إسبوعية في البيت. و قد أثر فيني جداً منظر الطفل العربي الذي بالكاد ينطق العين و الحاء و يكافح لنطق الضاد و الظاء. 
  • بدأت بالكتابة بالمدونة و لمست صعوبة الكتابة باللغة العربية الفصحى على نفسي لأن كل ما كنت أطلع عليه و ما حولي كان أجنبي. فبدأت بإعادة إحياء اللغة العربية الفصحى في بيتي عن طريق القراءة و الإستماع و الكلام و الكتابة.

٣- الوحدة:
لم تكن الوحدة مشكلة كبيرة لي. كنت أخيط في البيت و أقرأ في الخارج و أضع جدول أسبوعي أنظم و أخطط لما أنوي القيام به و الإطلاع عليه. علمتني الوحدة الإعتماد على نفسي، و هي فرصة لا تحصل للكثير من بنات بلدي اللواتي يفضلن الإعتماد على مرافق في البنك و المستشفى و المواصلات و غيرها. عرفتني الوحدة على المدن التي أسكنها. فكنت أتجول و أزور أماكن و متاجر و مدن قريبة و أتأمل و أشاهد لوحدي.
الوحدة علمتني الكثير عن نفسي. علمتني الإستقلالية و التفرد و إتخاذ القرارات. وهذه الأمور هي أكثر ما أفتقده منذ عودتي للوطن حيث يفضل الجميع التخطيط و العمل الجماعي و تجبر الأقلية على إتباع رأي الأغلبية.
عرفتني الوحدة على مبادئي و أفكاري. ففي الغربة ينعدم الرقيب و الضغط الإجتماعي. و المبتعث الذي أمضى فترة طويلة في الخارج ثم يعود، يتلقى صدمة فكرية و إجتماعية و ثقافية أكثر من التي حصلت له في أول أيام غربته. 
الذي وصلت إليه الآن بعد العديد من الصراعات و المصارحات، أني في كثير من المناسبات أفضل الجلوس بصمت و الإستماع أو السرحان على أن أشارك الجالسين في نقاشاتهم و أفكارهم ثم يتحول الموضوع  لأسمع عبارة " تغيرتي" " وين اللي كنا نعرفها زمان؟" "شدعوة؟!" " أمريكا غيرتك".

٤-الناس:
الناس في غربتني كانوا خليط. من كل طائفة و دين و صوب. عاشرت الكثير ممن لا أتوافق معهم برأي و لا معتقد و لا عادات. و اعتقد أن تلك كانت من أجمل الحوارات التي مرت علي في حياتي. كانت حوارات هادئة و عاقلة و منيرة، غير مشحونة بعواطف و لا حمية و لا خوف من أن "يزعل" الطرف الآخر أو تجرح مشاعره. لا زلت أكن لأصحابي الذين منحوني فرص الحوار الصريح الكثير من الإحترام و التقدير.

٥- أسلوب الحياة:
قدت السيارة و سافرت بالطائرة. زرت البنك و الجامعة و تحدثت مع مسؤول و موظف و ضابط و لم أحتج لواسطة و لا ورقة و لا مكالمة قلقة و كل الأمور تمر بسهولة و بساطة.
نعمت بخدمة عملاء حقيقية و إبتسامة ترحيب و توديع من المتاجر و نظام سهل و واضح يطبق على الجميع و إحترام متبادل من الغريب للغريب. أتمنى بصدق أن يعيش الناس هنا أسبوع واحد بهذه الميزات ليعرفوا أنه لا حاجة للتعقيد و القلق المبالغ فيه و قيود الحيطة و الحذر التي يفرضونها على أنفسهم و غيرهم.
 


 أشتاق أياماً إلى الغربة و إلى أمريكا و سهولة الحياة و بساطتها.. إلى القيادة والنظام و الإبتسامة على وجه البائعة و النقاشات مع الأصدقاء و المتسوق الذي يفتح لي الباب لأدخل قبل أن يخرج.

الغربة كانت كنز و درس و مفتاح. علمتني الكثير. أسأل نفسي أياماً: " هل يمكن أن أعود إليها؟" كثيراً ما يكون الجواب نعم . 
و لكن في نهاية المطاف لا أرض كأرض الوطن. و لا أهل كالأهل. أسأل الله أن يديم علينا هذه النعم و أن يبارك لنا فيها و يعيننا على شكره و حسن عبادته.... آمين.

تحياتي
ربة منزل

الجمعة، 22 مايو 2015

صندوق الألوان: الختام


أنا في الجبيل. سوسن تقيم في الشارقة. لم نلتقي و لكن جمعتنا الشبكة العنكبوتية و حب اللحف و فنون الترقيع و التضريب. 
إتفقنا على عمل مشترك. و إخترنا باترون لحاف Paint Box من مدونة Oh, Fransson!
وضعنا جدول و بدأنا العمل.

بعد عدة أسابيع من التواصل و العمل المشترك و التدوين و المراسلات بيني و بين سوسن من مدونة زينة بيتي، أنجزنا مشروعنا المشترك: لحاف صندوق الألوان.

التجربة كانت ممتعة و مفيدة. تبادلنا الخبرات وطرق الترقيع و التضريب المختلفة على مدوناتنا. ذوقنا و ميولنا في القماش برزت واضحة عندما نظرنا إلى لحفنا المكتملة جنباً إلى جنب. 

من فوائد العمل الجماعي أو المشترك أننا نشجع بعضنا البعض و نضيف مهارات جديدة إلى مهاراتنا. 
من الفوائد أيضاً الإلتزام بالوقت و خطة العمل " قدر المستطاع "، و تجنب المماطلة و التأجيل.
و أخيراً، العمل الجماعي يبني صداقات جديدة و عادات حميدة و ينمي وعينا بما و من حولنا. 

بإذن الله سنعيد التجربة مرة أخرى. تابعوني أنا و سوسن. و إذا أردتم الإنضمام في المستقبل، لا تترددوا. راسلوني على البريد الإلكتروني أو الإنستغرام @RawyahSami أو تويتر.

تحياتي
ربة منزل

الجمعة، 15 مايو 2015

لحاف " البحث عن نيمو "


إنتهى هذا اللحاف منذ أكثر من شهرين تقريباً.
تأخرت بالكتابة عنه بسبب أن الصور التي إلتقطتها له كانت موزعة على أكثر من جهاز. و أخيراً جمعتها لتدوينة أخيرة.

الاثنين، 4 مايو 2015

ماندالا


في اللغة السنسكريتية، تعني كلمة " ماندالا": الدائرة أو القرص.
و المطلع على الثقافة الهندية و الآسيوية يلاحظ رسومات الماندالا فيها و التي ترمز إلى الكون و العالم. 
تتميز الماندالا الأساسية بأنها قرص ذو مركز واضح و تدور حوله أشكال هندسية في حلقات حتى تصل إلى الحلقة الأخيرة. 



الجمعة، 1 مايو 2015

معرض اللحف السنوي في أرامكو الظهران



كانت هذه التدوينة ستكون كثيرة الصور و التفاصيل لولا خلل في برنامج الصور Photos الذي حذف أغلب الصور بعد تحميلها على الكمبيوتر.


في أرامكو السعودية يوجد نادي خاص بصانعات اللحف يجتمع شهرياً ، ثم يقيم كل سنة معرض تعرض فيه اللحف التي صنعت خلال العام الجاري. زرت هذا المعرض العام الماضي. و زرته بالأمس للمرة الثانية.


كان هناك حوالي ٥٠ لحاف أو أكثر هذا العام، بتفاصيل و أساليب متنوعة من لحف الأبليك إلى الترقيع بالأساس الورقي إلى اللحف العصرية. 
تجولت في المعرض و بين اللحف قرابة ساعة. بعضها تبهرك بالألوان. و أخرى تبدو سهلة و بسيطة و لكن حالما أقترب منها أرى التفاصيل الدقيقة التي حرصت صانعة اللحاف على إتقانها في عملها. 


 العام الماضي أخذت أخي معي و عرفته على اللحف و تفاصيلها و الفرق فيما بينها. هذا العام أخذت أختي. أمضينا وقتاً جميلاً . كنت أظنها ستمل بسرعة و لكن وجدت أنها إندمجت مع القماش و الألوان و صارت هي من تنبهني و تناديني لتريني ما أعجبها. ربما سيكون لها مستقبل مع اللحف . ربما :)


لعل ما لاحظته هذا العام أن أغلب اللحف صنعت للسرر و الإستخدام الشخصي. لم أجد لحف فنية إلا ما قل. أحب اللحف الفنية كثيراً و ذلك لأنها تتضمن الكثير من التقنيات و التفاصيل التي تجذب العين و تثير الفضول و النقاش. و هي أكثر ما كان يلفت نظري عند زيارتي معارض اللحف في أمريكا. فأجد نفسي أمر مروراً على لحف كبيرة و لا أعطيها إلا نظرة خاطفة. ثم أتوقف عند لحاف فني صغير فترة من الزمن أتأمل تفاصيله و ألوانه و مضمونه.


أكثر لحاف أعجبني في المعرض هو هذا اللحاف في الأسفل. الألوان و توزيعها و تنسيقها جعل هذا اللحاف جذاباً و محل إعجاب الكثيرين في المعرض. 


أما أختي فأعجبها لحاف آخر ، و هو عبارة عن لعبة و لحاف. كنا نلعب اللعبة و نحن أطفال و لا زلنا نلعبها مع الأطفال اليوم لنسليهم و نشغلهم بما حولهم: " أنا شايفة شي لونه أزرق. أيش هو؟ " " أنا شايفة عصفور أحمر. وين هو ؟" 


من المؤسف فعلاً حصول الخلل الذي حذف الصور من جهازي. تواصلت مع آبل و أرجو أن يردوا علي قريباً. بعض اللحف كانت جميلة جداً ترقيعاً و تضريباً و لن أستطيع أن أشارككم بها. 
من الآن فصاعداً سأحتفظ بنسخ إحتياطية . التكنولوجيا جميلة و سهلة. و لكنها غادرة أيضاً.


تحياتي
ربة منزل